التدابير الوقائية الملزمة لمكافحة الفساد في القطاع الخاص والأهلى
حظيت المنظمات غير الحكومية باهتمام كبير على المستوى الدولي، اعترافا بدورها التنموي، ودورها في مجال العلاقات بين الدول والشعوب. ويجد هذا الاهتمام ترجمته في المؤتمرات الدولية والإقليمية التي تشارك فيها هذه المنظمات، وفي إفراد بنود خاصة بها في البرامج الدولية والإقليمية المختلفة، مثل مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، ومؤتمر بكين المعني بالمرأة، ومؤتمر الأمم المتحدة للسكان. وكذلك تظهر الدراسات والتقارير الدولية هذا الاهتمام مثل تقارير التنمية البشرية ، بالإضافة إلى النص في اتفاقية الأمم المتحدة على تنظيم هذه المنظمات .
فقد نصت اتفاقية الأمم المتحدة في المادة ( 12 ) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على ما يلي:
- تتخذ كل دولة طرف ، وفقاً للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي ، تدابير لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد ولتعزيز معايير المحاسبة ومراجعة الحسابات في القطاع الخاص ، وتفرض عند الاقتضاء عقوبات مدنية أو إدارية أو جنائية تكون فاعلة ومتناسبة ورادعة على عدم الامتثال لهذه التدابير . هذا يعني أنه يتوجب على الدول الأطراف أن تتخذ من الإجراءات الإدارية والتشريعية ما يكفل عدم وصول الفساد إلى هذا القطاع ، سيما وإن هذا القطاع يعاني من ضعف الرقابة ومن وجود أطر قانونية وبنيان قانوني متماسك كما هو الحال في القطاع العام ، وتنص الفقرة الثانية من المادة (12) على ما يلي :
- يجوز أن تتضمن التدابير الرامية إلى تحقيق هذه الغايات ما يلي :
- تعزيز التعاون بين أجهزة إنفاذ القانون وكيانات القطاع الخاص ذات الصلة .
- العمل على وضع معايير وإجراءات تستهدف صون نزاهة كيانات القطاع الخاص ذات الصلة ، بما في ذلك وضع مدونات قواعد سلوك من أجل قيام المنشآت التجارية وجميع المهن ذات الصلة بممارسة أنشطتها على وجه صحيح ومشرف وسليم ومنع تضارب المصالح ، ومن أجل ترويج استخدام الممارسات التجارية الحسنة بين المنشآت التجارية وفي العلاقات التعاقدية بين تلك المنشآت والدولة .
ج . تعزيز الشفافية بين كيانات القطاع الخاص، بما في ذلك اتخاذ تدابير عند الاقتضاء بشأن هوية الشخصيات الاعتبارية والطبيعية الضالعة في إنشاء وإدارة الشركات.
د . منع إساءة استخدام الإجراءات التي تنظم نشاط كيانات القطاع الخاص، بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بالإعانات والرخص التي تمنحها السلطات العمومية للأنشطة التجارية.
ه. منع تضارب المصالح بفرض قيود، حسب الاقتضاء ولفترة زمنية معقولة، على ممارسة الموظفين العموميين السابقين أنشطة مهنية، أو على عمل الموظفين العموميين في القطاع الخاص بعد استقالتهم أو تقاعدهم، عندما تكون لتلك الأنشطة أو ذلك العمل صلة مباشرة بالوظائف التي تولاها أولئك الموظفون العموميون أو أشرفوا عليها في أثناء مدة خدمتهم.
و. ضمان أن تكون لدى منشآت القطاع الخاص - مع أخذ بنيتها وحجمها بعين الاعتبار - ضوابط كافية لمراجعة الحسابات داخليا تساعد على منع أفعال الفساد وكشفها وضمان أن تكون حسابات منشآت القطاع الخاص هذه وبياناتها المالية اللازمة خاضعة لإجراءات مراجعة حسابات وتصديق ملائمة.
باستقراء نص المادة السابقة، يتضح انه يمكن اجمال هذه الضمانات أو الإجراءات في تشريع خاص يحكم عمل المنظمات غير الحكومية سواء كانت هذه المنظمات تنتمي للقطاع الخاص او المنظمات الأهلية، وهنا يظهر التساؤل عن كيفية قيام الدول الأطراف بمثل هذه الإجراءات أو التدابير ؟؟، وفي الحقيقة إن معظم هذه الإجراءات نجدها في قوانين الدول المختلفة وذلك من خلال نصوص مبعثرة في قوانين مختلفة تحكم القطاع الخاص والأهلي وبذلك يكون على الدول الأطراف مراجعة قوانينها وإذا خلت من هذه الإجراءات النص عليه إما من خلال قانون موحدة يحكم الرقابة في القطاعين الاهلي والخاص.
كما وتنص الفقرة الثالثة من المادة (12) من الاتفاقية على ما يلي: -
- 3. بغية منع الفساد، تتخذ آل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير، وفقا لقوانينها الداخلية ولوائحها المتعلقة بمسك الدفاتر والسجلات، والكشف عن البيانات المالية، ومعايير المحاسبة ومراجعة الحسابات، لمنع القيام بالأفعال التالية بغرض ارتكاب أي من الأفعال المجرَّمة وفقا لهذه الاتفاقية:
أ. إنشاء حسابات خارج الدفاتر.
ب. إجراء معاملات دون تدوينها في الدفاتر أو دون تبيينها بصورة وافية.
ج. تسجيل نفقات وهمية.
د. قيد التزامات مالية دون تبيين غرضها على الوجه الصحيح.
ه. استخدام مستندات زائفة.
و. الإتلاف المتعمد لمستندات المحاسبة قبل الموعد الذي يفرضه القانون.
فتلزم هذه الفقرة الدول الأطراف على تجريم الأفعال الواردة فيها واعتبارها من قبيل الجرائم المعاقب عليها، وبذلك فلابد للدول الأطراف إذا أرادت أن تلتزم باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على أن تقوم بمراجعة كامل قوانينها المالية والإدارية وتوفير الحماية الجزائية لهذه النصوص من خلال إصدار تشريع جزائي كامل متكامل يغطي آل الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.