الأجهزة الرقابية في مصر.. ضجيج بلا طحن
الأجهزة الرقابية في مصر.. ضجيج بلا طحن
تهامي البنداري ملفات 2017-01-13 17:47
رغم وصول عدد الجهات الرقابية في مصر إلى 36 جهازا، إلا أن بؤر الفساد المالي والإداري لم تنته، ولا توجد مؤشرات على قرب حدوث ذلك، طالما اقتصر عمل معظم تلك الجهات على كتابة التقارير فقط، دون تحويل المخالفات والتقارير التي يتم رصدها إلى ...
رغم وصول عدد الجهات الرقابية في مصر إلى 36 جهازا، إلا أن بؤر الفساد المالي والإداري لم تنته، ولا توجد مؤشرات على قرب حدوث ذلك، طالما اقتصر عمل معظم تلك الجهات على كتابة التقارير فقط، دون تحويل المخالفات والتقارير التي يتم رصدها إلى الجهات القضائية المعنية لاتخاذ إجراءاتها، إما لوجود ثغرات في قوانين هذه الجهات أو لعدم رغبة الإدارة السياسية في فتح هذه الملفات.
ضجيج بلا طحين
ومنذ بداية ثورة 25 يناير وبعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة، فتحت العديد من ملفات الفساد القديمة وتم تخصيص أرقام تليفونات للإبلاغ عن الفساد وكأن هذا الفساد سواء المالي أو الإداري قد تم الكشف عنه الآن رغم التقارير الرقابية العديدة وما نشرته الصحف خلال السنوات الماضية خير شاهد على ضعف تأثير تلك الأجهزة التي تحولت إلى "ضجيج بلا طحين".
الرقابة الإدارية
ولعل جهاز الرقابة الإدارية كان الأكثر حرصا على أداء دوره خلال الآونة الماضية، رغم تواجد جهات رقابية عدة لم تقم بالدور المنوط بها.
وتعد الرقابة الإدارية، وهي هيئة مستقلة تتبع رئيس مجلس الـوزراء، واحدة من أجهزة الرقابة الخارجية التابعة للسلطة التنفيذية وتمارس مهامها طبقاً للقانون رقم 54 لسنة 1964 ولها حق الاطلاع والتحفظ على البيانات والمستندات بالجهات وترفع تقاريرها بنتيجة تحرياتها وأبحاثها ومقترحاتها لرئيس الوزراء والوزراء والمحافظين وكذا جهات التحقيق المختصة لاتخاذ ما يرونه بشأنها.
ومن أبرز مهامها بحث وتحري أسـباب القصور في العمل والإنتاج واقتراح وسائل تلافيها، والكشف عن عيوب النظم الإدارية والفنية والمالية التي تعرقل السير المنتظم للأجهزة العامة واقتراح وسائل تلافيها، مع متابعة تنفيذ القوانين والتأكد من أن القرارات واللوائح والأنظمة السارية وافية لتحقيق الغرض منها، بالإضافة إلى مهمة الكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والفنية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم واجبات وظائفهم أو بسببها.
ويقع ضمن مسئوليتها أيضا كشف وضبط الجرائم الجنائية التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمة العامة مع النظر في الشكاوى التي يقدمها المواطنون عن مخالفة القوانين أو الإهمال في أداء واجبات الوظيفة ومقترحاتهم فيما يتراءى لهم أو يلمسونه بقصد تحسين الخدمات وانتظام سير العمل وسرعة إنجازه بالإضافة إلى بحث مــا تنشره الصحافــة من شكاوى أو تحقيقات صحفية تتناول نواحي الإهمال أو الاستهتار أو سوء الإدارة أو الاستغلال وكذلك ما تتعرض له وسائل الإعلام المختلفة في هذه النواحي.
وهي معنية أيضا بالتحري عن حالات الكسب غير المشروع والعمليات المالية التي يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال بالتنسيق وتبادل المعلومات مع وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي.
المركزي للمحاسبات
ويُعد الجهاز المركزي للمحاسبات أبرز الأجهزة الرقابية في مصر، فهو مسئول عن الرقابة على أموال الدولة، والأشخاص الاعتبارية العامة، والجهات الأخرى التي يحددها القانون، إلى جانب مراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة، ومراجعة حساباتها الختامية.
ويُعين رئيس الجهاز بقرار من رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، ولا يجوز اعفاؤه من منصبه ويكون قبول استقالته بقرار من رئيس الجمهورية، وتسري في شأن اتهام رئيس الجهاز القواعد المقررة في محاكمة الوزراء.
ووفق القانون الذي صدر عام 1964 لينظم عمل هذا الجهاز، انتقلت مهمته من مراقبة إيرادات الدولة ومصروفاتها إلى أن أصبح يمارس أنواعا عديدة من الرقابة ما بين الرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني والرقابة على الأداء ومتابعة تنفيذ الخطة إلى الرقابة القانونية على القرارات الصادرة في شأن المخالفات المالية، ويندرج تحت كل شق من الثلاثة العديد من الاختصاصات الفرعية.
وقد ألزم المشرع، الجهاز بتقديم تقاريره السنوية عن النتائج العامة لرقابته إلى رئيس الجمهورية وإلى مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء، كما ألزمه بأن يقدم إلى مجلس الشعب أي تقارير أخرى يطلبها.
وحاليا يُشكل الجهاز من رئيس ونائبين ووكلاء الجهاز وأعضاء فنيين، أما مكتب الجهاز فيُشكل من رئيس الجهاز ونائبيه وأقدم الوكلاء ويجتمع بدعوى من رئيسه وبحضوره وتصدر قراراته بأغلبية الحاضرين وإذا تساوت الأصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس.
أما الهيكل التنظيمي للجهاز فيتكون من فرعين: الأول يتألف من 27 إدارة مركزية على رأس كلا منها وكيل للجهاز والثاني يتكون من 36 إدارة مراقبة حسابات على رأس كلا منها مدير من فئة وكيل أول.
أما الهيئة العامة للرقابة المالية فهي أيضا واحدة من الأجهزة الرقابية المهمة والمؤثرة فيما يخص مكافحة الفساد، فهي تختص بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، بما في ذلك أسواق رأس المال وأنشطة التأمين، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلي، والتخصيم والتوريق.
النيابة الإدارية
ومن الأجهزة الرقابية المنوط بها مكافحة الفساد، هيئة النيابة الإدارية التي تتولى فحص الشكاوى المحالة إليها من الرؤساء المختصين أو الجهات الرسمية في إهمال واجبات الوظيفة العامة، وإجراء التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، حيث إن من سلطاتها الاطلاع على المستندات واستدعاء الشهود وسماع أقوالهم، والإذن بتفتيش أشخاص ومنازل الموظفين المتهمين في مخالفات مالية وإدارية، ووقف الموظفين عن العمل، وتوقيع الجزاء التأديبي المناسب للواقعة التي ارتكبها الموظف.
مباحث الأموال العامة
كما تعد مباحث الأموال العامة، أحد الأجهزة الرقابية التي تستهدف مكافحة الفساد وتعمل على مواجهة الجرائم التي تمثل عدوانا على اقتصاد البلاد، كما أنها تتلقى بلاغات المواطنين الخاصة بوقائع الرشوة والفساد.
المصنفات الفنية
المصنفات الفنية وحماية الأخلاق، تتبع وزارة الثقافة وقد صدر بشأنها أكثر من قرار من رئيس الوزراء لتنظيم عملها آخرها من رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي عام 1993 نص على أن تتولى الإدارة العامة للرقابة على المصنفات بوزارة الثقافة أعمال الرقابة على الأعمال المتعلقة بالمصنفات السمعية والسمعية البصرية.
وتختص هذه الإدارة بمنح تراخيص تصوير المصنفات المشار إليها أو تسجيلها أو أدائها أو عرضها أو إذاعتها في مكان عام أو توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع أو تحويلها بقصد الاستغلال.
أما الجزء الأبرز من لائحة تنظيم عمل هذه الإدارة فهو ذلك المتعلق بما لا يجوز الترخيص له بالعرض ومنها النصوص التي تتضمن دعوات إلحادية والتعريض بالأديان السماوية وتصوير أو عرض أعمال الرذيلة أو تعاطي المخدرات على نحو يشجع على محاكاة فاعليها بالإضافة إلى منع عرض الأعمال التي تحوي مشاهد جنسية وما يخدش الحياء والعبارات والإشارات البذيئة والأعمال التي تعرض الجريمة بطريقة تثير العطف أو تغري بالتقليد.
هية الرقابة المالية
الهيئة العامة للرقابة المالية أنشئت بموجب القانون رقم10 لسنة2009، وتختص بالرقابة والإشراف على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية بما في ذلك أسواق رأس المال وبورصات العقود الآجلة، وأنشطة التأمين والتمويل العقاري وتعمل على الحد من مخاطر عدم التنسيق ومعالجة المشاكل التي تنتج عن اختلاف الطرق أو الأساليب الرقابية.
وقد أنشئت لتحل محل كل من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين والهيئة العامة لسوق المال والهيئة العامة لشئون التمويل العقاري في تطبيق أحكام قانون الإشراف والرقابة على التأمين وقانون سوق رأس المال الصادر وقانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية، وهي بالأساس معنية بضمان سلامة واستقرار الأسواق المالية غير المصرفية وتنظيم وتنمية الأسواق المالية غير المصرفية مع تحقيق توازن حقوق المتعاملين في الأسواق المالية غير المصرفية بالإضافة إلى توفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق وشفافية الأنشطة التي تمارس فيها.
الرقابة على المطبوعات
الرقابة على المطبوعات، أو كما يسمونها "عدو الصحفيين"، من سلطاتها منع نشر الكتب ومصادرتها وإنذار المسئولين عن إصدار المطبوعات الدورية بالإضافة إلى التعطيل والإلغاء مع الحجز الإداري للمطبوعات من تلقاء نفسها ودون أمر من السلطة القضائية إذا رأت فيها أمورا مضرة بالمصلحة العامة أو انتهاكها لنص من نصوص القانون.
الرقابة الدوائية
ومن بين الأجهزة الرقابية الأخري هيئة الرقابة والبحوث الدوائية وهي الهيئة الوحيدة في مصر للرقابة على الأدوية والمسئولة عن فساد الأدوية ونقص مادته الفعالة أو عدم فاعلية الدواء أو تصنيع دواء غير صالح أو استيراده من الخارج.
الرقابة الصناعية
فيما تقوم مصلحة الرقابة الصناعية بمهمة التفتيش الدوري والمستمر على نظم الجودة بالوحدات الإنتاجية وتقديم المشورة الفنية اللازمة لإجراء أية تعديلات مطلوبة ولازمة على النظم الموجودة والتفتيش على المراحل المختلفة وحتى مرحلة المنتج النهائى مع اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد المنتج غير المطابق.
الرقابة على الصادرات
أما الهيئة العامة للرقابة على الصادرات فهي هيئة خدمية تعمل على حماية المستهلك من خلال فحص الصادرات والواردات بأحدث الأساليب والتجهيزات العلمية، وكذلك إعداد الإحصائيات عن الصادرات والواردات السلعية.
لماذا الرقابة الإدارية؟
يرى مراقبون أن غالبية الجهات الرقابية في مصر لا تقوم بدورها على الوجه الأكمل، فيما تلاحظ قيام الرقابة الإدارية بدور فعال، فخلال 2016 كانت هيئة الرقابة الإدارية هي كلمة السر في الكشف عن الكثير من قضايا الفساد أبرزها الكشف عن "رشوة مجلس الدولة" التي سقط فيها مدير عام المشتريات بمجلس الدولة جمال الدين اللبان، وعثر في منزله على مبالغ مالية ضخمة ومشغولات ذهبية.
ومن أبرز القضايا التي كشفتها هيئة الرقابة الإدارية، شبكة دولية لتجارة الأعضاء البشرية والتي أحدثت صدمة في المجتمع فأبطال القضية أساتذة جامعات وأطباء وتمريض وسماسرة إلى جانب وسطاء عرب، كما تمكنت الهيئة من كشف غموض قضية المحاليل الفاسدة والتي راح ضحيتها 7 أطفال بعد إصابتهم بالتسمم نتيجة تناولهم محاليل معالجة الجفاف، كما تمكنت الرقابة الإدارية من إسقاط عدد كبير من المسئولين الفاسدين والذين ضبطوا بتلقيهم رشاوى حيث ألقوا القبض على مستشار وزير الصحة لشئون أمانة المراكز الطبية المتخصصة متلبسا بتقاضي 4 ملايين جنيه رشوة داخل مكتبه مقابل إسناد أعمال توريد بمستشفى معهد ناصر بقيمة 28 مليون جنيه، بالإضافة لوقائع أخرى كثيرة.