مصر تحتل المركز 88 علي العالم في انتشار الفساد

بعد ان تضخم «غول» الفساد.. القضاء عليه مسئولية من؟!

مصر تحتل المركز 88 علي العالم في انتشار الفساد

تعاني مصر من تفشي سرطان الفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية حيث احتلت مصر المركز ٨٨ علي مستوي العالم في انتشار الفساد وفقاً لآخر إحصائيات منظمة الشفافية الدولية الصادرة بداية العام الحالي، وهوما يؤكد تضخم " غول" الفساد ليلتهم الكثير من موارد البلاد، فكيف نقضي علي الفساد؟ وهل يجب أن تقوم الحكومة بهذه المهمة بمفردها أم تحتاج لمشاركة الشعب في مكافحة هذا الغول؟!

السطور التالية تكشف الاجابة علي هذه الأسئلة."

المواطنون: الدولة ليست مسئولة وحدها.. والإبلاغ عن المرتشين مسئوليتنا للحد من الفساد

خبراء الاقتصاد :

مجلس النواب مسئول عن فتح ملفات الفساد.. مثلما فعل في قضية توريد القمح

ضرورة منح الأجهزة الرقابية صلاحيات أكبر لمواجهة المتورطين في قضايا الفساد

في البداية استطلعنا آراء بعض المواطنين.. ويقول المهندس طارق سعيد "موظف بإحدي الشركات الخاصة" ان الدولة ليست هي المسئول الوحيد لما وصلنا اليه من مستوي عال من الفساد سواء الاداري أوالمالي،وانما نحن كمواطنين كان لنا دور كبير في ذلك،فاذا لم نقبل نظام الرشاوي والاكراميات منذ البدابة لما أصبحنا اليوم نضطر الي دفع مبالغ سواء كبيرة أوبسيطة لأي من الموظفين ليقوم بإتمام مصالحنا والتي يعد انجازها للأفراد هوعمله ووظيفته الاساسية التي يتقاضي عنها راتبا من الدولة،لذلك لابد من محاولة حل تلك الكارثة بالسلوكيات الفردية والامتناع عن الاكراميات نهائيا،بل والابلاغ عن أي موظف يطالب بها اويقبلها،حتي نستطيع الوصول الي مصر بلا فساد

وينادي إسماعيل نور الدين "موظف حكومي بضرورة توفير خطوط ساخنة لتلقي شكاوي الفساد والتعامل معها بجدية وحسم، بالإضافة الي أهمية وجود مندوبين عن الاجهزة الرقابية ووزارة الداخلية في جميع المؤسسات الحكومية، خاصة التي تتعامل مع الجماهير بشكل مباشر، لقطع الطريق علي الأشخاص التي تعتمد علي الرشاوي والإكراميات للانتهاء من مصالحها بشكل يخالف القانون والاخلاق.

ولكن كيف يري خبراء الاقتصاد كيفية مواجهة الفساد ؟

يقول الدكتور إبراهيم المصري استاذ الاقتصاد وعميد كلية الإدارة بأكاديمية السادات للعلوم الادارية الأسبق ان الفساد في مصر يبدأ من مرحلة اختيار الشخصيات لتولي المناصب القيادية، فعملية اختيار القيادات تتم بعشوائية كبيرة، وتعتمد علي توافق المصالح الشخصية، كما انها لا تتسم بالنزاهة والشفافية، بالاضافة إلي عدم وجود معايير واضحة يتم الإختيار بناء عليها، فنحن لا نعلم هل يتم اختيار المسئولين لانهم أهل للثقة، ام انهم أصحاب خبرة عالية، وإذا اعتمدنا طوال الوقت علي اختيار اهل الثقة فقط، فلن نتقدم خطوة واحدة للأمام، وسنساهم في زيادة فاتورة الفساد يومياً.

إعادة هيكلة المنظومة التشريعية

ويضيف ان المنظومة التشريعية التي نمتلكها حالياً ضعيفة جداً، ويجب إعادة هيكلتها، والتعلم من التجارب العالمية الناجحة في محاربة الفساد، فمعظم القوانين المصرية بها ثغرات يقوم الفاسدون والمتلاعبون بالمال العام بإستغلالها لتحقيق مصالحهم الشخصية، دون النظر إلي الصالح العام، وكأن اموال الشعب وثرواته متاحة لكل من تمكن من فهم نصوص القانون بشكل جيد، واستطاع التلاعب بها، ومن هنا يجب ان نعيد النظر في جميع التشريعات المطاطة التي تفتح المجال امام أصحاب المصالح، موضحاً ان مجلس النواب عليه مسئولية كبيرة في فتح ملفات الفساد خلال الفترة القادمة، مثلما فعلت لجنة تقصي حقائق فساد توريد القمح، بالإضافة الي معالجة ثغرات القانون، للقضاء تماماً علي التشريعات والقوانين المطاطة.

ويطالب المصري بضرورة منح الأجهزة الرقابية صلاحيات أكبر لمواجهة كل من يتم التأكد من تورطه في قضايا الفساد، وعدم انتظار موافقة المسئولين، الذين يتعمد بعضهم تأجيل إجراءات ملاحقة الفاسدين، لوجود مصالح شخصية بينهم، مؤكداً علي ضرورة تفعيل قوانين مثل قانون منع الاحتكار والتهرب الضريبي للحفاظ علي حقوق الدولة، وتخفيف الأعباء علي الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

لا للتصالح مع الفاسدين

ومن جانبه يري د.إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية أن الوصول إلي مؤسسات نزيهة يتوقف علي وجود إرادة سياسية حقيقة، لمحاسبة كل من يتورط في قضايا الفساد، والتحقيق مع كل من جاء أسمه في تقارير الجهات الرقابية أوالإعلام بأنه يشارك في أعمال ضد الصالح العام، والتأكد من صحة هذه الاتهامات، مشيراً الي انه لابد من إلغاء قانون التصالح مع المتهمين في قضايا الفساد، لان التصالح في مثل هذه القضايا يشجع العديد من الأشخاص علي التلاعب بالمال العام دون خوف، لانهم علي دراية بأنهم سوف يتصالحون مع الدولة، ويكتفون بدفع جزء بسيط من اموال الشعب التي سرقوها، في حال تم كشفهم، ولذلك يجب تفعيل عقوبة الحبس، لتكون عقاباً رادعاً لكل من يتجاوز القانون.

وأشاد الدسوقي بقرار مجلس النواب بمناقشة ضم الصناديق الخاصة إلي وزارة المالية، قائلا إن هذه الصنايق كانت مجالاً واسعاً أمام ضعاف النفوس للتلاعب وسرقة الأموال، وضمها إلي وزارة المالية سيجعلها تحت الرقابة، ويحد من الفساد الذي اشتهرت به منذ عقود طويلة.

ثقافة "الرشوة" متأصلة

ويؤكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية ان المشكلة الأكبر تتمثل في عدم قدرة الأجهزة الرقابية علي التصدي للمخالفات، ولذلك يجب ان يقوم مجلس النواب بتشريع قوانين صارمة لمكافحة الفساد، والعمل علي تفعيلها وتحقيق الدعم الكامل للهيئات الرقابية، ويتمثل ذلك في زيادة أعداد العاملين بالرقابة فلابد من وجود أكثر من مسئول واحد للإشراف علي ملفات جهة معينة لتسهيل وظيفته ورفع نسبة الكفاءة في العمل،كما يجب أن تقوم الجهات القضائية بتغليظ العقوبات علي المخالفين وزيادة مدة السجن لأكثر من 5سنوات، وتعجيل المحاكمات لسرعة استعادة أموال الدولة التي يستولي عليها الفاسدون، وبدون تطبيق نظام الشفافية في كل الهيئات الحكومية لن يتم استئصال الفساد المالي من الدولة بشكل حقيقي.

وتابع قائلا: للأسف، أصبح الفساد المالي متمثلا في الرشاوي والاكراميات سلوكاً دائما في مصر وتحول من ظاهرة الي ثقافة متأصلة بين الأفراد، ويتعامل معه موظفوالحكومة في جميع القطاعات كأنه حق مكتسب لابد أن يؤديه المواطن والا تعطلت مصالحه،كما أن الرشاوي اصبحت تمارس بصورة علنية معروفة لدي المجتمع كله ومع ذلك لا يتحرك اي من الوزراء لسن قوانين تقضي بالعقوبة المشددة علي من تثبت ادانته وهنا يأتي دور الأجهزة الرقابية.

بينما اكدت د. يمن الحماقي أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس ان الوسيلة الوحيدة لمحاربة الفساد والقضاء عليه بشكل نهائي هي تطبيق موازنة البرامج والأداء بشكل دقيق، وهي تتمثل في متابعة اوجه الانفاق العام ومصادر الايرادات العامة، وذلك يبدأ منذ التخطيط للمشروع وتحديد أهدافه والنتائج المتوقع الحصول عليها فور تطبيقها وآليات تنفيذها بدقة، وبذلك يمر انتاج المشروع الواحد بمراحل كثيرة تحوي العديد من الأنشطة التي تستلزم متابعة دورية أوحتي سنوية لرصد الانجاز المحقق بها،وهذه الخطوة تسهل كثيرا عملية كشف الفساد المالي،لأن الفساد عبارة عن تحايل علي الانجاز ووضع خطوات وهمية تقابلها اوجه انفاق وهمية مما يؤدي الي ضياع أموال الدولة،واذا تم اهمال تلك الخطوة،يزيد حجم الفساد ويصعب السيطرة عليه.

 وتضيف ان الانفاق الحكومي في غياب الأجهزة الرقابية يعتبر المصدر الأساسي للفساد المالي،ولابد من وضع نظام صارم لمكافحة الفساد، وأن يقوم الجهاز المركزي للمحاسبات بدوره علي أكمل وجه، فالفساد المالي أصبح ظاهرة واضحة المعالم لابد من تحجيمها بالتعاون بين الدولة والأفراد، فاذا وضعنا أعيننا جميعا علي المخالفات وقمنا بالابلاغ عنها، سنساعد الأجهزة والهيئات الرقابية القيام بواجبها